كوني امرأة

11:16 م اريج الامل 0 التعليقات



شيء مني غادرني حين خطوت خارج ذاك الباب.. شيء غادرني حين غادرت جنة صباي وكنت خديجة التكوين لا أصلح أن أكون امرأة.. .. انكسرت مشكاة بساطتي, فدخلت في غيهب أغمد جهامته في سنيني.. أوغلتُ ومازلتُ أتبعثر في فك دوامة رحاها لا ترحم.. ناديت ثدي أمي.. ففجعت به ينزف صديدا منفرا.. وألفيت رياضها جفافا يحرقه العطش.. لم أجد منها سوى نظرات تزجر ولهي وتأمرني: كوني امرأة قبل الأوان.. لوكي لقمة الحياة بمرارتها.. ستحلو لك يوما..


تركت مجدافي يشق عباب حياة سلبتني أعاصيرها أمن روحي وجمال تلقائيتي.. مضيت معه لا أدري إلى أين.. كل ما أعرفه : أنني واجهت طغيانه على جسدي بأنوثة غير مكتملة,.. و كنت أتمنى لو آوي إلى ركن بعيد يعصمني منه..


آه كم كان حضن أمي دافئا..
وكم كان كل ما وراء الباب عراء موحش الأرجاء, ألبسني قناع السيدة مبكرا وقذفني في فوضة المشاعر؛ بين رفض وقبول؛ رفض لوضع فرضته الأسرة وتقاليد المجتمع, وقبول أمومة استطاعت أن تنزعني من بؤسي وتُهيئ لي جوا روحيا مشبعا بالحنان والسكينة.    
حين تفتحت براعمي سقيتها سلاف نبضي.. أحطتها بأنس روحي.. كونت معها كيانا آمنا.. أرويتها وأشبعتها من ثدي ودي.. فربت وشبت واستوت على سوقها..فرحتُ بكياني و تمنيته منيعا يصد عن زهرة روحي ما تطيقه وما لا تطيقه.. تمنيت أن أحيطها بسياج حمايتي وعنايتي ما استطعت.. كانت زهرتي الكبرى وفرحتي الأكبر..

ولكن هيهات للحياة أن تبقى على حال..
جاءتني ذات صباح تعلن عن رغبتها بالخروج من ذياك الباب الذي اجتزته رغما عني.. والذي  أسلمني لرحى الحياة مبكرا..
تذكرت حياتي وكائنا ملائكي الروح كان يسكنني وغادرني حين خطوت خارج حضن أمي.. أشفقت عليها.. أشفقت عليها من هيكل سيرتديها  يقال له امرأة..
صرختُ: بنيتي, مازلت صغيرة.
قالت لي بنبرة أسى:  لست صغيرة.. فأنا أمك منذ زمن.

0 التعليقات: