تعددت الأسباب

9:03 م اريج الامل 0 التعليقات





 تعددت الأسباب

تجلس أمام النافذة المفتوحة  المقابلة لسرير نومها محدقة في الفضاء اللامتناهي..  بجهد تحاول تسوير قطيع من الافتراضات تثيرعربدته غبار الأسى والخوف في رأسها ..بين الفينة والاخرى تزفربأسى صهدا من وجع يتأجج بداخلها, كلما أبرقت الذكرى لتضيء خرائب عاثها جحوده وهجره.. تنبهت من آسن شرودها حين رفرف بحناحيه طائر أبيض مر بقرب نافذتها.. تلفتت حولها؛ لم ترى احد.. أغمضت عينيها.. ألقت برأسها إلى الخلف انتثر شعرها الأسود على المخدة كشال حريري..
و قبل أن يفور تنور الحزن ثانية, وتغرق في هسيس الوجع,  سمعت حركة مقبض الباب يدور..حاولت مسح غبار الحزن بكفيها قبل أن تنظر في وجه القادم ..أطل وجه أمها لمحت موجة عتب تتدافع من عينيها وملامح وجهها .
كانت تعلم ما ستقوله أمها سلفا, ستقول: هناك خمسة أبناء يبحثون عن والديهم.. أبوهم ذهب مع امرأة أخرى وأمهم سجينة جدران أربعة,  منغمسة في الحزن وتأنيب الذات. وفي الأخير ستزفر تنهيدة,  وتقول: أنا امرأة كبيرة لا أقدر على هذه المسؤولية وإن حرصت.
 لهذا بادرت بالسؤال :
-         أمي ماذا أفعل؟ أوعيّة حسي تعطلت وجسدي سكنه الوهن.
-         سئمتُ استجدائك صبري وصبر هؤلاء المساكين.. عليك النهوض وقلب هذه الصفحة فالحياة لاتتوقف عند رجل.
 جلست.. أرخت يديها وحنت رأسها إلى الأسفل فغطى شعرها وجهها.. اقتربت الأم وجلست أمامها, رفعت وجه أبنتها إلى الأعلى وأزاحت بعض الخصلات, وقالت بحزم: إذا بقيت على هذا الحال سأتركك وأعود إلى منزلي.
أخذت يد والدتها بين يديها أمطرتها بالشم والتقبيل قالت ودموع حرّى تسابق كلماتها: - هي غلطتي, أنا من منحه الربوبية المطلقة, عظًّمْتهُ, وقدمت له قرابين من روحي وجسدي ووقتي امتنانا لوجوده في حياتي..
- ردت الأم بحزن: أعرف
- أمي أتذكرين؟ في مثل هذا اليوم  كنتُ بقربه يقتلني الخوف وهو بين الموت والحياة في غرفة العناية المركزة أثر ذلك الحادث المروري .. أعطيته  ما يقارب من العام من اهتمامي وعنايتي التي فاجأت بها نفسي قبل الآخرين..  ما يقارب العام وأنا أشرف على علاجه وطعامه ونظافته بنفسي.لطالما آثرته حتى على فلذت كبدي.. تركت عملي,  . بعت حليي.. نسيت أني أنثى.. جدولت حياتي له وحده  وعندما أستعاد قدميه جرى إلى حضن امرأة أخرى؟!
  مسحت الأم بباطن كفها على رأس أبنتها وتلت بعض السور القصيرة.. أبعدت رأسها عن كتف والدتها.. مسحت بكفيها بلل عجز عن إطفاء لظى روحها وقالت: ليس الذكر كالأنثى.. فهي التي اؤتمنت على حمل الروح تسعة أشهر فإذا خرج إلى الحياة سقته من عناقيدها حولين كاملين وأترعته بجداول محبتها.. فهل أخطأت حين وقعت في شرك عطائي للحبيب   فأنا أنثى, مجرد أنثى تحب أن تغرق في تفاصيل العطاء. فهل أخطأت حين أحطته بحب الزوجة والأم والحبيبة والأخت والصديقة حين أحببت روحه , حديثه, تفاصيله الصغيرة....  
- لو كان لرجل مشاعر تعادل ما للمرأة  لخصهم بشيء من العناية بالوليد..
-         هل تريدين الرجل أن يلد أو يرضع؟ لابد أنك جننت!
-         لم أجن. أنا فقط أتساءل عن جحود الرجل وأسبابه؟
-         لا تتساءلي كثيرا, هذه هي الحياة.. كان يجب أن يغادرك أما بالموت أو بالذهاب إلى امرأة أخرى.. تعددت الأسباب والموت واحد.

0 التعليقات: